
في وقت تتسارع فيه التحديات الاقتصادية والجيوسياسية، يواجه الدولار الأمريكي ضغوطًا مُتزايدة من دول مجموعة “بريكس“، التي تسعى إلى تقليص هيمنته.ويثير هذا التحول ردود فعل حادة، أبرزها تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الدول التي تحاول تقويض مكانة العملة الأمريكية، ما يهدد بفتح أبواب توترات اقتصادية جديدة.
عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استيائه من محاولات دول بريكس الابتعاد عن الدولار الأمريكي، وهدد بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 100% على أي دولة تحاول تقويض هيمنة الدولار.وقال ترامب عبر منصته “ثروث سوشيال” إن “فكرة أن دول “بريكس” تحاول الابتعاد عن الدولار قد انتهت، وسنطلب التزامًا من هذه الدول المعادية”، مؤكدًا أن أي محاولة لخلق عملة جديدة بديلة للدولار ستواجه نتائج كارثية على الاقتصاد الأمريكي، وفق وكالة أنباء “رويترز”، 30 يناير 2025.
في المقابل، ردت روسيا عبر تصريحات رسمية، حيث أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن مجموعة “بريكس” لا تناقش فكرة إنشاء عملة موحدة، بل تركز على تطوير منصات استثمارية مشتركة بين الدول الأعضاء، مضيفًا أن مجموعة بريكس تهدف إلى تسهيل الاستثمارات المشتركة في دول ثالثة، وليس التخلص من الدولار أو استبداله، وفق وكالة “سبوتنيك” الروسية، 30 يناير 2025.
من جانب آخر، أوضح نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر بانكين، أن العمل على تطوير نظام مدفوعات جديد لدول “بريكس” سيستمر رغم التهديدات الأمريكية، مشيرًا إلى أن هذا النظام يهدف إلى تسهيل التسويات المالية بين الدول الأعضاء، وليس إلى إنشاء عملة دولية جديدة، وفق وكالة “رويترز”، 4 ديسمبر 2024.
وأشار سكرتير وزارة الخارجية البرازيلية لشؤون آسيا والمحيط الهادئ، إدواردو سابويا، إلى أن مجموعة بريكس لا تهدف إلى التخلي عن استخدام الدولار الأمريكي في التجارة، نظرًا لأن معظم الاحتياطيات المالية للدول الأعضاء محتفظة بالدولار، وأضاف قائلًا: “لن يكون التخلي عن الدولار منطقيًا، لأن دول بريكس تمتلك احتياطيات كبيرة من الدولار”، وفق تصريحات تلفزيونية 15 يناير 2025.
خلال قمة مجموعة بريكس في قازان، صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن فكرة إنشاء عملة موحدة للمجموعة لا تزال مبكرة، مشيرًا إلى أن تحقيق ذلك يتطلب مستوى عالٍ من التكامل بين الدول الأعضاء، وهو ما لم يتم الوصول إليه بعد، وفق شبكة “سي إن إن” أكتوبر 2024.
وفي تصريحات أخرى، أكد بوتين أن عملية التخلص من هيمنة الدولار كعملة عالمية هي عملية لا رجعة فيها، مشيرًا إلى أن دول بريكس بدأت بالفعل في تقليل اعتمادها على الدولار في تعاملاتها المالية، وفق تصريحات تلفزيونية 22 أغسطس 2023.
ارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر ودول مجموعة بريكس إلى 30.2 مليار دولار خلال أول 8 أشهر من عام 2024، مقارنة بـ26.2 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2023، مما يمثل زيادة بنسبة 15%، وفق تصريحات تلفزيونية 31 أكتوبر 2024.
وتمتلك الصين أكبر ناتج محلي إجمالي بين دول البريكس، حيث بلغ 16.86 تريليون دولار أمريكي في 2021، في حين أن جميع الدول الأخرى أقل من 3 تريليونات، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لكتلة البريكس مجتمعةً أكثر من 25.85 تريليون دولار أمريكي في 2022، وهو ما يزيد قليلًا عن الولايات المتحدة، وفق بيانات “ستاتيسيا”، في يناير 2025.
تتيح العضوية في هذه المجموعة الناشئة فوائد اقتصادية واضحة، حيث تمثل الدول العشر التي تشكل البريكس 45% من سكان العالم و28% من الناتج الاقتصادي العالمي و47% من إنتاج النفط الخام وفق “سي إن بي سي”، في أكتوبر 2024.
ووفق USIP، فقد شهدت التجارة داخل مجموعة البريكس نموًا ملحوظًا، حيث تم تشجيع استخدام العملات المحلية في التجارة بين الأعضاء، وزادت التجارة الداخلية بين دول البريكس بنسبة 56% من 2017 إلى 2022، ونتيجة للعقوبات الغربية على روسيا، ازدادت هذه التجارة.
توقع تقرير صندوق النقد الدولي نقلته وكالة “بلومبرج” في أكتوبر 2024، أن يعتمد الاقتصاد العالمي بشكل أكبر على مجموعة دول “بريكس” لدفع عجلة النمو، بدلًا من الاقتصادات الغربية الأكثر ثراءً.
وفقًا لأحدث توقعات صندوق النقد الدولي في أكتوبر، يتوقع الصندوق أن تأتي حصة أكبر من النمو خلال السنوات الخمس المقبلة من اقتصادات “بريكس” القوية مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل، استنادًا إلى توقعات نُشرت تعتمد على معيار تعادل القوة الشرائية.في المقابل، تم تخفيض التوقعات بشأن مساهمة مجموعة دول السبع، مثل الولايات المتحدة وألمانيا واليابان، في النمو الاقتصادي بالمستقبل.